وصلت الشركة الكندية بلاك بيري إلى طريق مسدود منذ العديد من الأشهر الماضية ، حينما فشلت أجهزتها الذكية الجديدة و نظام بلاك بيري 10 في إستعادة المكانة التي كانت تحظى به قبل صعود الأندرويد بقوة كمنصة منافسة للأيوس الذي تطوره أبل و المسيطرة أيضا على غالبية السوق.
و النتيجة الصادمة و المتوقعة في نفس الوقت أن بلاك بيريقررت في نهاية الصيف الماضي عرض نفسها للبيع و فتح الأبواب أمام كل العروض الممكنة لشراءها من طرف شركات قوية تطمح لإستغلال ما تملكه من براءات إختراع و إمكانيات لتطوير حصصها في الأسواق العالمية.
و بينما ينتظر العالم أن يعلن عن شراءها من طرف العلاق الصيني لينوفو و الذي أصبح يستحوذ على جزء مهم من سوق أجهزة الكمبيوتر المكتبية و المحمولة و الساعي لإقتحام قطاعات المحمول بدء بالهواتف الذكية ، أو ربما أن يتم ذلك من طرف شركة أخرى تسيل لعابها للإنقضاض على العملاق الكندي … خرجت إلينا بلاك بيري بقرارات مفاجئة جدا و كان أبرزها تراجعها الكامل عن فكرة بيع نفسها و القيام بعزل الرئيس التنفيذي السيد ثورستن هاينز و الإستعانة بالسيد جون تشن الصيني و القادم من هونج كونج ، و المشهور بحنكته في إدارة الشركات و النجاح في المهام التي توكل إليه في تطويرها و إنقادها أيضا.
و بين إقرار العملاق الكندي البحث عن شركة تستحوذ عليها و التراجع عن ذلك مؤخرا لغز محير للعقول و حقيقة غامضة لونها أسود يصعب التعرف عليها … من حسن حظ قراءنا في عالم التقنية أنني أحضرت الحقيقة التي تقف وراء ذلك لأقدمها لكم في السطور التالية بكل وضوح.
في الوقت الراهن هناك صراع بين الشرق و الغرب أصبح يأخد طابعا جديا في السنوات الأخيرة ، بقيادة دولتين هما الولايات المتحدة الأمريكية و الصين حيث تقود الأولى دول الغرب و الثانية تمثل الشرق و معها دول صاعدة ، الصراع بين المعسكرين حقيقة ليس عسكريا إلى حد الأن لكنه يأخد أشكالا أخرى و منها التجارية و الإقتصادية و مؤخرا أصبحت المعركة تقنية و معلوماتية أيضا .
و بما أن شركة لينوفو هي من الشركات الصينية التي تنافس الشركات العالمية بقوة خصوصا في قطاع إنتاج أجهوة الكمبيوتر المكتبية و المحمولة و لها سلسلة من اللوحيات الهجينة ، فإن بقية الشركات العالمية تسعى لإحتوائها و تدميرها و إبعادها عن المنافسة بأي طريقة ممكنة.
و تقول الحقيقة في هذا الصدد أن لينوفو تقدمت بعرض لشراء بلاك بيري بمليارات الدولارات و أعلنت للشركة الكندية أنها مستعدة للإستحواذ عليها بأي ثمن كان ، فقط أن يتم الأمر و أكبر سرعة ممكنة فالشركة الصينية متحمسة لإقتحام قطاع الهواتف الذكية العام القادم … لكن و بمجرد أن توصلت الحكومة الكندية بالخبر حتى أرسلت إنذارا للشركة الكندية تحثها فيها على أن تتراجع عن الصفقة و ترفض هذه الشركة بالضبط ، فعلى الأرجح لا يقف الربح المادي و التوسع في الأسواق فقط وراء رغبة العملاق الصيني ، بل هناك حكومة صينية ستستغل الصفقة مستقبلا للتجسس على الحكومة الكندية و المرافق العمومية و الإتصالات التي تخص البلد الشمالي للولايات المتحدة الأمريكية ما يهدد الأمن القومي لواحد من أكبر حلفاء أمريكا في العالم ، خصوصا و أن بلاك بيري هي التي تشرف على تطوير شبكات الإتصالات بكندا و تشرف أيضا على تطوير الأنظمة الخلوية الحكومية.
هذا التجسس الذي ستسعى الصين للقيام به عبر نتيجة هذه الصفقة من شأنه أن يجعل الإتصالات الوطنية في كندا و ربما كل المكالمات الواردة و الصادرة التي يقوم بها المواطنين تتم على علم التنين الأصفر بمحتواها و فحواها و هو ما يعد جريمة بطابع قانوني !
نجاح خدمة BBM للمراسلة الفورية
لو كانت شركة لينوفو كندية لبيعت فعلا بلاك بيري لكنها صينية و هي صاحبة العرض الأفضل ، لكن دعونا من الإستحواذ و لنعد إلى حدث مهم أعاد الأمل لشركة بلاك بيري في كونها تستطيع فعلا العودة إلى سابق أيامها و أفضل مما كانت عليه.
إنه ببساطة نجاح خدمة BBM للمراسلة الفورية بعد أن قامت الشركة الكندية بإصدار تطبيق لها على كل من الأندرويد و الــ IOS ليصل عدد مستخدمي المنصة إلى 80 مليون مستخدم في أقل من شهر و العدد لا يزال متواصلا ، ما يعني في المستقبل القريب أن هذا النجاح سيتحول إلى الملايين من الدولارات إذا تمكنت الشركة الكندية من التوصل إلى طريق لكسب المال من الخدمة دون إزعاج المستخدمين.
و من المعروف أن هذه الخدمة كانت محصورة فقط على بلاك بيري و تتمتع على تلك الهواتف بشعبية كبيرة لكن ليس بنفس هذه الوثيرة التي تعيشها الأن الشركة مع قيامها بتوسيع المنصات التي تعمل عليها خدمتها .
رئيس تنفيذي مؤقت لكنه قادر على إنقاد الشركة
كما ذكرنا مسبقا فإن السيد جون تشن رجل ذات خبرة كبيرة في إدارة الشركات و له مسيرة من النجاحات مع شركات صينية و دولية كان السبب في إنجاحها … بلاك بيري تعرف أن جزءا كبيرا من مشكلتها يتجلى في رئيسها التنفيذي فهو ربان السفينة … لذا فهي تحتاج لرجل متزن في أفكاره يعرف متى تجوز المغامرة و متى عليه أن يكون حذرا و ما هي السياسات الصحيحة التي يجب إتخادها في هذه الظرفية الصعبة التي تمر منها الشركة الكندية ، لهذا اختارت هذا الرجل و أول كلام قاله كان هو “ لو لم يكن هناك تحديات كبيـرة تنتظـرني ، لما اهتممت بعـرض الانضمـام للشـركة ! “، و هذا أكبر دليل على أن هذا الرجل يحب أن يدمر التحديات و يحقق الأهداف التي يضعها بكل مرونة.
خلاصة القول :
لم تتراجع شركة بلاك بيري عن بيع نفسها هكذا عبثا ، بل كانت هناك أسباب منطقية قوية وراء هذا القرار هي التي تطرقنا إليها في السطور السابقة ، و هذا لا يعني أبدا أن فكرة بيع الشركة قد إنتهت أو أن أمرها محسوم … لا بل سنرى بلاك بيري فعلا تطرح نفسها للبيع مرة أخرى و بشكل جدي و نهائي هذه المرة إذا فشلت فعلا في خطة الإنقاد التي سيضعها الرئيس التنفيذي الجديد